Sunday, December 20, 2009

تجديد الفكر الاسلامي --- 3

في هذه المقاله سوف اتحدث عن كتاب قرأته لثلاثة من الكتاب العمانيين بعنون " السنة بين الوحي والحكمه" ..الكتاب في مجمله يحمل فكره قد تكون صادمه للكثير ممن يقرأه..لانه يناقش ما يعتبره البعض انه هو المصدر التشريعي الثاني في الاسلام. ومما سوف يزيد من رفض الفكره لبعض القراء ..ان المؤلفون ينتمون الى مذهب غير معروف تقريبا الا في سلطنة عمان و اجزاء من شمال افريقيا ..من مذهب الاباضيه (الذي يعتبره الكثير من بقايا الخوارج). ولكن دعونا ننظر للكتاب ونرى ما فيه بدون ان نحكم عليه مسبقا. واتذكر في هذا الصدد موقف رسولنا الكريم من الوليد بن المغيره حين اتاه غاضبا متوعدا ..فقال له الرسول الكريم " الا تسمع مني." ..فقبل الوليد واستمع.. ومغزى القصه ان احكمو عقولكم ..وابتعدوا عن الهوى والحكم المسبق.

نعود الى الكتاب الذي يبحث في اشكالية السنة النبويه..وعلاقتها بالتشريع الاسلامي..وهو هنا يفرق بين السنة النبوية المتواتره المعتمده..وبين الروايات الحديثيه اللتي امتلأت بها كتب الحديث شرقا وغربا. الكثير من مسلمي اليوم يعتبرون مثلا صحيح البخاري وصحيح مسلم مصدرين للتشريع لأن في حسب اعتقادهم ان الاحاديث الوارده فيه صحيحة تماما ..وانا صدره عن الرسول اللذي لا يتكلم بالهوى. من هذا الباب دخلت الكثير من البلبله في ديننا الاسلامي..لان القران الكريم يستحيل تحريفه (مثل ما صار للانجيل والتوراه)..فتم تحريف الدين الاسلامي من ناحية دخول ضعاف النفوس من خلال باب الروايات الحديثيه. الكتاب لا ينكر السنة النبويه واهميتها في التشريع الاسلامي ولكنه يفرق بين ما اجمعت عليه معظم الامة الاسلامية من سنة متواتره..وبين الاحاديث الاحاديه اللتي سمع بها صحابي او اثنين او حتى عشره.

ولعل أحد أبرز محاور الكتاب هو نقد نظرية أهل الحديث القائمة على الخلط بين السنة والرواية، والعناية المفرطة بالسند وإهمال النظر في المتن، مع الإشادة بما كان عليه بعض المتقدمين من الفقهاء من فرز السنة عن الرواية، وكذلك النظر الفقهي المتقدم كمالك وأبي حنيفة والشافعي، والإشادة كذلك بالأدوار الرائدة لرواد الإصلاحيين المعاصرين كمحمد عبد ورشيد رضا ومحمد الغزالي وطه جابر العلواني وعبد الحميد أبوسليمان وعبدالجواد ياسين وغيرهم

الكتاب أيضاً من خلال أمثلته التطبيقية ناقش قضايا تهم الفقه المعاصر برؤية مغايرة للطرح التقليدي، قرئت فيه النصوص بعيداً عن ضغط الواقع وتم تفهم وضعية العصر في الوقت ذاته، ومن أمثلة ذلك

-1ولاية المرأة في الشؤون العامة

-2 ضرب الزوجة الناشز

3 شهادة المرأة في الحقوق المالية

رسالة الكتاب في مجملها تحاول تحديد منطقة النص المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلاقته بأصل التشريع القرآن الكريم، وبهذه المحاولة التي تنطلق مسايرة لاجتهادات ضاربة في عمق التاريخ يحصل وصل للحاضر بالماضي للانطلاق نحو المستقبل بنص خالص يمثل وحي السماء، لا يهم عندها أن تكون هذه النظريات لجابر أو لأبي عبيدة أو للربيع أو لأبي حنيفة أو لمالك أو للشافعي أو لسفيان الثوري أو للأوزاعي أو لجعفر الصادق أو لزيد بن علي أو لأي من علماء الأمة، المهم أن تكون وفق رؤية قرآنية تنطلق من القرآن وتعود إليه.

يمكن تلخيص افكار الكتاب فيما يلي:

اولا : هناك فرق شاسع بين السنة النبوية المتواترة وبين الروايات الحديثيه

ثانيا : السنة تابع للقران الكريم وشارح له ..ولكنها لا يجب ان تتعارض معه او تحل محله.

ثالثا: يجب تمحيص الاحاديث الموجوده في الكتب حسب المعايير التالية (يجب ان يوافق جميع الشروط بدون استثناء):

>يجب ان يوافق الحديث القران الكريم ..واذا حدث العكس فيجب ان لا يتم القبول به (حتى وان كان صحيحا من ناحية السند)

>يجب ان يوافق الحديث ..السنة المتواتره المشهوره التي اجمعت عليها الامه . (حتى وان كان صحيحا من ناحية السند)

- >يجب ان يوافق الحديث الادله العلمية القاطعه المعاصره (استثني من هذا النظريات غير المثبته) . (حتى وان كان صحيحا من ناحية السند)

->سند الحديث يجب ان يكوم موثقا وصحيحا .

انه كتاب يجيب عن تساؤلات طالما حيرت العاقل ويسكت شبهات طالما اثيرت قدحا وتجريحا في الاسلام ذلك ان الواحد منا ما ان يدرج في سلك الفكر الاسلامي التقليدي حتى يتربى على كتب اهل الحديث بكل ما تحويه تلك الكتب من غث وسمين متخذة من منهج الجرح والتعديل تكأة لتمرير مفاهيمها وترسيخ سيطرتها باعتبارها حامية السنة وعلامة بارزة على المنهجية العلمية التي تحلى بها بعض العلماء الاصوليين. وهكذا ينبت الناشئ منا بعيدا عن اصول الدين وهذا للاسف واقع شئنا ام ابينا.

2 comments:

الروح said...

جميل ما خطت يداك في الثلاث مواضيع عن التجديد في الفكر الاسلامي
ومتفق معك في معضم ما ذكرت ولكن تبقى نقطه واحده في اعمال العقل
هو ان لا يصل به الى انكار الامور الخارقه التى حدثت ومحاولت تفسيره بما يناسب عقولنا

OmanLion said...

شكرا يا صديقي الروح على تعليقك. هناك اشكاليه تطرح ولازال النقاش جاريا فيها..وهي متا يبدأ الوحي وينتهي العقل..اين حدود كل منهما

بالنسبه للمعجزات..هناك ايضا حاجة لتنقية المعجزات من كثير من الشوائب التي علقت بها..اعتقد جازما ان المعجزات موجوده..ولكن اعتقد ايضا انها ليست بالحجم الكبير..هناك تضخيم جدا للمعجزات وعددها...وهناك كان ايضا اتجاه لبعض العلماء الى تصنيف كل مالم تستطع عقولهم او ره علومهم المعاصره لومنهم من تفسيره..كان هناك اتجاه في ادخاله في خانة المعجزات...الامر يحتاج الى تمحيص وتدقيق..ولابد ان ان لانوقف عقولنا عن العمل..ولايوجد هناك اي موضوع مقدس يحرم التفكير فيه

والسلام