مر بنا في الجزء الثالث تعرضنا لجدال نبي الله إبراهيم عليه السلام أو مخاصمته كما قال بعض السلف لدفع العذاب عن قوم لوط عليه السلام ، وبينا بعض خفايا هذا الجدال و أثرنا إشارات لم يسبق للمفسرين إثارتها ،و قوم لوط ع الذين قد كذبوا المرسلين و كفروا بالله العظيم و اتبعوا سنن من كان قبلهم كقوم نوح عليه السلام ، ولكن لا نجد أن أحد من الأنبياء جادل أمر الله و رسله في ذلك ، و الأقوى و الأظهر في جريمة لا سابق لها في البشرية أن ترفضه بقية الأمم فكيف بنا و شيخ الأنبياء إبراهيم عليه السلام فهل كان يدافع عن فعل لم يسبق أن أرتكبه أحد من العالمين ؟ ان كانت الفاحشة التي قام بها قوم لوط على رأي المفسرين مجرد اللواط ( إن سلمنا جدلا بصحة العبارة ) أو المثلية الجنسية ( و الملاحظ أن هذه الكلمة لم ترد في القرآن الكريم مطلقاً و جردوا أفعالهم من الكفر و اغتصاب المارة المسافرين عنوة و ممارستها في العلن و هم يبصرون بعضهم البعض ) التي لم يسبقهم إليها أحد من قبلهم بحسب قولهم ، وهل كان فعلا الاتصال الجنسي المثلي مخترعاً حاز براءة اختراعه قوم لوط ع أم التاريخ يثبت عكس ذلك و هذا يؤكد أن الفعل الذي قاموا به يتعدى مجرد الجنس المثلي و هذا ما وصف القرآن بالإسراف و وسنبينه بعونه تعالى في هذا الجزء ، و نسأل هل كان يجهل و العياذ بالله نبي الله إبراهيم ع ذلك لدرجة أن يقول بعض المفسرين كالطبري و مجاهد أنه خاصم ربه لذلك ؟ وهل سؤال يطرح نفسه هل يعقل أن تشتد شدة دفاع إبراهيم عليه السلام إلى الجدال في أمر الله تعالى ، لدرجة أن ينسب الجدال إلى الله تعالى ذاته فيقول الله : يجادلنا ؟
هذا يبين صحة ما ذهبنا إليه إذا المسألة ليست متعلقة بمجرد جداله عليه السلام بل منطقياً و عقلياً إن كان القرآن يقصد في حديثه عن الفاحشة مجرد ممارسة المثلية الجنسية لكان ذلك أدعى أن بقية الأمم لأنه أمر جديد لم يسبقهم إلى فعله أحد ، ولكن الواقع نجد أن الأمر الذي لم يسبقه إليه أحد هي مجموعة جرائم كان من بينها ممارساتهم الجنسية الخاطئة العلنية ، لاحظ طريقة الممارسة ليست الممارسة بعينها ، فجدال إبراهيم عليه السلام لم تكن لمجرد طلب الشفاعة والرحمة من الله تعالى ، و إلا لكان ذلك أدعى أن يستحقوا عليها العذاب لا الرحمة ، و الدليل على ذلك أن قوم نوح عليه السلام كانت جريمتهم تكذيب نبي الله نوح عليه السلام والاستهزاء به و الإشراك بالله تعالى ، ولم يحدثنا القرآن عن جرائم أخرى لهم كما حدثنا عن قوم لوط عليه السلام بالتفصيل ، ولكن رغم ذلك نجد أن نبي الله نوح عليه السلام يدعوا عليهم ! ويقول :
(وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا)سورة نوح 26-27
يستحيل أن تتناقض أهداف الأنبياء أو أن تعترض مهمتهم التبليغية عواطفهم و أهوائهم لكونهم الوسيط المعصوم بين الخالق و عباده ، وبذلك نخلص إلى أن المثلية الجنسية ليست الذنب الذي بسببه عوقب قوم لوط عليه السلام و كذلك ليست المعنية في تحريم القرآن الكريم لجرائم قوم لوط عليه السلام .
يقول الله تعالى : (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُون ) َسورة الأعراف 80 – 81
يحكي الله سبحانه عن قصة لوط عليه السلام وقومه وخطابه لهم بنصحهم و إرشادهم عن الكف عن مخالفة أمر المولى عز وجل ، بإتيان الفاحشة ولكن لماذا أختار القرآن لفظ الإتيان و ماذا عنى بالفاحشة ولماذا بألف لام التعريف ؟
____________________________________________
يقول صاحب تاج العروس - الزبيدي - ج 19 ص 136 - 140
[ أتى ] : ي أتيته أتيا وإتيانا وإتيانة ، بكسرهما ، ومأتاة وأتيا ، بالضم كعتي ويكسر ؛ اقتصر الجوهري على الأولى والثانية والرابعة ، وما عداهن عن ابن سيده ؛ جئته .
وقال الراغب : حقيقة الإتيان المجيء بسهولة .
قال السمين : الإتيان يقال للمجيء ، بالذات وبالأمر والتدبير ، وفي الخير والشر ومن الأول قوله :
* أتيت المروءة من بابها *
وقوله تعالى : ( ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ) ، أي لا يتعاطون .
قال شيخنا : أتى يتعدى بنفسه ؛ وقولهم : أتى عليه ، كأنهم ضمنوه معنى نزل ، كما أشار إليه الجلال في عقود الزبرجد . وقال قوم : إنه يستعمل لازما ومتعديا ، انتهى .
وفي الأساس : اغتلمت أن تؤتى .
واستأت زيد فلانا : استبطأه وسأله الإتيان . يقال : ما أتيناك حتى استأتيناك إذا استبطؤوه ؛ كما في الأساس ؛ وهو عن ابن خالويه .
وأتى الفاحشة : تلبس بها ، ويكنى بالإتيان عن الوطء ؛ ومنه قوله تعالى : ( أتأتون الذكران ) ، وهو من أحسن الكنايات . اهـ
________________________________
يقول بعض المفسرين و اللغويين ان الإتيان في الآية إنما هو على سبيل الإشارة إلى معنى معين بلفظٍ هو غير لفظه الصريح المستعمل عادة تجنباً لذكره صراحةً لغاية ما وهي الكناية و لكن المنهج الصحيح يقتضي عدم الاعتقاد بوجود كناية في القرآن و يتوجب على الباحث معرفة حقيقة اللفظ المستعمل في الكناية المزعومة .
عند الملاحظة الدقيقة فالكناية لا تختلف بشيء عن الاستعارة على بعض ما عرفوا به الاستعارة و لا يجوز للباحث الاعتقاد بوجود تشبيه استعاري في القرآن الكريم و لا تشبيه فيه سوى التشبيه الحقيقي ، و المنهج المعصوم يرفض الاعتراف بالاستعارة في استعمالات القرآن ، فالقرآن لا ينقل المعنى من لفظ إلى لفظ ، ولا يضع الكلمة لشيء لم يعرف بها من شيء قد عرف ، ولا يأتي باسم للشيء غير اسمه الحقيقي ولا يأتي بمعنى آخر للشيء سوى معناه ولا يعلق العبارة على غير ما وضعت له في أصل اللغة لغرض الإبانة ، لأنه مبين بنفسه و هو عين الإبانة وروحها ـ فليست الإبانة شيئاً خارج القرآن لأن آياته بينات ومبينات وهو نفسه تبيان و مبين ، فالإبانة صفة القرآن و ليست شيئاً خارجياً اتصف بها بعد الاستعارة ، و أما التشبيه الذي في القرآن فهو تشبيه حقيقي بين الشيء و الشيء أو الشيء و مثل الشيء أو مثل الشيء ومثل الشيء أو غير ذلك مما سيتبين لنا في موضعه .
المنهج اللفظي يرفض التسليم بوجود كناية في القرآن لنفس الأسباب المارة ، وذلك لأن كلامه تعالى حق وأن ( و الله لا يستحي من الحق ) الاحزاب 53 .
فاللفظ الذي يذكره هو دوماً اللفظ الصريح المطابق للمعنى الذي يريده تعالى .
نعم ..قد يشير إلى أمرٍ ما إشارةً دقيقة و إشارات لكن ذلك ليس من الكناية في شيء بناءً على الاصطلاح و التعريف المشار إليه ,
و مثال هذه الآية على الكنايات المزعومة في القرآن لبيان أمرين في آن واحدً:
الأول : إنهم جعلوا اللفظ كناية عن معنىً ووضعوا له لفظاً من عندهم حسبوه هو الذي يؤدي المعنى في أصل اللغة .
الثاني : إنهم نسوا ما فعلوه فجاؤوا بالمعنى نفسه الذي وضعوه اعتبروا الألفاظ الأخرى كناية عن هذا المعنى .
انظر هذه الأمثلة :
1- فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ (187) سورة البقرة - قالوا كناية عن الجماع .
2- أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء (43) سورة النساء – قالوا كناية عن الجماع .
3- فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ (189) سورة الأعراف – قالوا كناية عن الجماع .
4- فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ } (222) سورة البقرة – قالوا كناية عن الجماع .
5- فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ (23) سورة النساء – قالوا كناية عن الجماع .
6- أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ } (187) سورة البقرة- قالوا كناية عن الجماع .
7- وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ (47) سورة آل عمران – قالوا كناية عن الجماع .
8- لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ (223) سورة البقرة- قالوا كناية عن الجماع .
فانظر أيها القارئ الكريم كم كناية وضعوا للجماع في كتاب الله ؟
وما ذكرناه هو نزرٌ يسيرٌ أظهرناه على عجلٍ ، إذ ربما كان هناك المزيد منها . فالإتيان الذي تحدثت عنه الآيات التي تصف ممارسات قوم لوط مع الذكران أو الرجال نلاحظ أنه لازمهم إذا لم يستعمل القرآن لفظ غير الإتيان في وصف الاتصال الجنسي بينهم ، فالإتيان و الغشيان و الملامسة و المباشرة و الاقتراب و الرفث و التماس .. كل هذه مفردات وردت في القرآن كناية عن شيء واحدً هو الجماع . فقد خالفوا هنا قواعدهم في تعريف الاستعارة كونها حمل اللفظ على معنى غير الذي وضع له في الأصل ، و العجيب أنهم أثبتوا للفظ أصلاً من جهةًٍ وتركوا السؤال عنه من جهةٍ أخرى .
أتدرى لماذا ؟ لأن التفاخر باستخراج عدد أكبر من الاستعارات في القرآن هو الهدف الأهم !! و عليه فما أكثر الاستعارات التي خرج بها المعنى عن أصله . لكن عند التفسير يُنسى الأصل . فهذه المفردات التسعة لم يسألوا ما هو الأصل الذي وضعت له ، ويكون حملها على أقرب المعاني المتبادرة إلى الذهن الإنساني القاصر هو أيسر السبل للخلاص من محنة البحث عن الأصل .
فتخيل .. كم من المعارف و العلوم النفسية و القواعد الاجتماعية و الأحكام الشرعية سيخرج من هذه الألفاظ التسعة ومواردها وشروط وضع كل منها في ترتيبه الخاص في التراكيب القرآنية و اقتراناتها بالألفاظ المجاورة ؟
إنك لو وضعت أي لفظ مكان أي لفظ آخر منها لتهدم البناء الهندسي للقرآن لا في تلك الآية و الآيتين ، بل بناء كل لفظٍ في التراكيب الخاصة . ومن ثم في التراكيب الأخرى التي اشتركت معها في الألفاظ حتى لا يبقى شيء على وجهه الصحيح مطلقاً . فلكل من هذه الألفاظ معناه المميز تميزاً شديداً عن الآخر.
فوضع لفظ الإتيان في وصف ممارسة الجنس المثلي عند قوم لوط عليه السلام ، لإشارة دقيقة من المولى سبحانه أن طريقة ممارستهم للجنس كانت في العلن هكذا دون استحياء أو خجل متلبسين بالفاحشة كما عبر صاحب تاج العروس ، و يؤكد على ذلك الآية الأخرى التي تحدثت عن درجة انهماكهم في ممارسة الجنس بدافع الشهوة في العلن وهم مبصرون كما عبر عنهم القرآن الكريم
وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ
54 – 55 سورة النمل
أي ينظرون لبعضهم البعض أثناء الاتصال الجنسي الجماعي بينهم مع الغرباء المسافرين وكانوا لا يتسترون عتوا منهم وتمردا ، وحتى لا نتهم أن هذا الرأي من بنات أفكارنا ولا يستند إلى مصدر نبين أن له أصل في كتب التفسير المعتمدة عند المسلمين
_______________________________________
تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج 7 - ص 218
ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وهي الفعلة القبيحة الشنيعة " * ( وأ نتم تبصرون ) * أنها فاحشة ، وقيل : يرى بعضكم بعضا . كانوا لا يتسترون عتوا منهم وتمردا
___________________________________________________
زاد المسير - ابن الجوزي - ج 6 - ص 76
وله تعالى : ( أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون ) فيه قولان :
أحدهما : وأنتم تعلمون أنها فاحشة .
والثاني : وبعضكم يبصر بعضا .
_____________________________________________________
تفسير العز بن عبد السلام - الإمام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي الشافعي - ج 2 - ص 471
4 - * تبصرون * أنها فاحشة ، أو يبصر بعضكم بعضا . *
______________________________________________________
تفسير الرازي - الرازي - ج 24 - ص 204 - 205
أما قوله : * ( وأنتم تبصرون ) * ففيه وجوه : أحدها : أنهم كانوا لا يتحاشون من إظهار ذلك على وجه الخلاعة ولا يتكاتمون وذلك أحد ما لأجله عظم ذلك الفعل منهم فذكر في توبيخه لهم ماله عظم ذلك الفعل .
_______________________________________________________
تفسير القرطبي - القرطبي - ج 13 - ص 219
قوله تعالى : ( ولوطا إذ قال لقومه ) أي وأرسلنا لوطا ، أو أذكر لوطا . " إذ قال
لقومه " وهم أهل سدوم . وقال لقومه : ( أتأتون الفاحشة ) الفعلة القبيحة الشنيعة .
وأنتم تبصرون أنها فاحشة ، وذلك أعظم لذنوبكم . وقيل : يأتي بعضكم بعضا وأنتم تنظرون إليه . وكانوا لا يستترون عتوا منهم وتمردا
________________________________________________________
التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج 1 - ص 384
( إنكم لتأتون الرجال _( من أتى المرأة : إذا غشيها .
_________________________________________________________
التبيان - الشيخ الطوسي - ج 8 - ص 105
" وأنتم تبصرون "
أي تعلمون أنها فاحشة . وقيل معناه : " وأنتم تبصرون " أي يرى بعضكم
من بعض ان ذلك عتوا وتمردا .
______________________________________
و على هذا جاء التعبير القرآني ليبين حقيقة أفعالهم في تلبسهم بالجريمة و ممارستهم للجنس المثلي في العلانية دون حياء و خجل فجملة " تبصرون " إشارة إلى أنهم كانوا يشهدون ممارسة الجنس المثلي " بين الفاعل والمفعول ". . . فكلام لوط نابع من البصيرة ورؤية العواقب الوخيمة لهذا العمل والتنبه منه لما له من آثار على المجتمع في نشر الإباحية و التهتك بين الأفراد و لذلك عبر القرآن الكريم عن دافعهم الجنسي بأنه كان شهوة لا أكثر وليس حباً بين الطرفين ، فالقرآن لم يتعرض للعلاقة الجنسية المثلية المبنية على الحب و الود ولم يبين حداً للفعلين و هو قد بين وفصل في كثير من الأحكام كما هو مبين في كتب أحكام القرآن ، و إنما شدد النكير على أن تكون الممارسة الجنسية المثلية بدافع الشهوة أو أن تكون علانية أو بالغصب و الإكراه و هذا ما كان مجتمعا عند قوم لوط عليه السلام ، و لذلك عبر عنها القرآن بالفاحشة لقبحتها .
و فوق ذلك كانوا يمارسون الجنس المثلي بالإكراه و في العلن مع الغرباء ينظرون لبعضهم البعض ، وكان الدافع لهم إبعاد الغرباء عن خيرات أرضهم كما قال بذلك الإمام الحسن بن علي وحبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهم :
_______________________________________________
تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج 4 - ص 336
وقال الحسن : كانوا يتون الغرباء كانت بلادهم الأردن تؤتى من كل جانب لخصبها فقال لهم إبليس هو في صورة غلام إن أردتم دفع الغرباء فافعلوا بهم هكذا فمكنهم من نفسه تعليما ثم فشا واستحلوا ما استحلوا .
_________________________________________________
تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج 8 - ص 167 - 170
والذي حملهم على ذلك - كما أخرج ابن عساكر وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما - أنهم كانت لهم ثمار في منازلهم وحوائطهم وثمار خارجة على ظهر الطريق وانهم أصابهم قحط وقلة من الثمار فقال بعضهم لبعض : إنكم إن منعتم ثماركم هذه الظاهرة من أبناء السبيل كان لكم فيها عيش قالوا : بأي شيء نمنعها ؟ قالوا : اجعلوا سنتكم أن تنكحوا من وجدتم في بلادكم غريبا وتغرموه أربعة دراهم فإن الناس لا يظهرون ببلادكم إذا فعلتم ذلك ففعلوه واستحكم فيهم . وفي بعض الطرق أن إبليس عليه اللعنة جاءهم عند ذكرهم ما ذكروا في هيئة صبي أجمل صبي رآه الناس فدعاهم إلى نفسه فنكحوه ثم جرؤوا على ذلك .
______________________________________________________
و هذا يبين لنا أن ممارستهم للجنس المثلي مقصورة مع الغرباء كما يبين لنا هذا الأثر لأنها كانت بدافع إبعادهم عن أرضهم و خيراتها و نشر أخبار اغتصابهم للمارة لتخويف المسافرين من المرور بمدينتهم ، و لذلك كانت من جملة سيئاتهم أن كانوا يحذفون المارة بالحجارة من الأعلى كما قال المفسرين وسنأتي على المصادر في موضع التفصيل لبقية جرائمهم، و في هذا إشارة واضحة لماذا أرسل الله سبحانه الملائكة إلى لوط ع بصورة غلمان غرباء مُرد فيهم من الجمال (كما تذكر كتب التفسير ) ما يدفع القوم إلى التعدي على بيت نبي الله لوط عليه السلام و هذا يدفعنا للسؤال عن سبب إرسالهم بهذه الصورة التي تعرضهم للخطر و تدفع بقوم لوط ع إلى التعرض لهم بالأذى و اغتصابهم ، و سنفصل في هذه النقطة المحورية الهامة التي ستكشف أدلة جديدة في تفنيد أدلة القائلين بالتحريم وعن سبب تعبير القرآن عن فعلهم بالإسراف و معنى السبق في ممارستهم الجنسية المثلية في الجزء الخامس من بحثنا و نسال الله تعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه .
msv
4 years ago
1 comment:
شكرا لك على هذا الموضوع الممتاز...
أنا شخصيا، لا أبحث عن مشروعية دينية لما أقوم به، بالرغم من أني مسلم و مؤمن ...
لكن، لا أحب أن تكون حجتنا مبنية على الدين بالرغم من أن الدين هو شي هام جدا يثق فيه الناس... لكن، الأفضل يكون التحدث عن حقوق البشر بقطع النظر عن أديانهم و معتقداتهم...
كلامي أكيد كلام مثالي، و يمكن، يقتنع الناس التي تثق ثقة عمياء في أقوال المفسرين بما كتبته أنت... شكرا ...
ملاحظة، حتى لو بعض التفاسير هي في صالح المثليين، بل حتى لو رجال الدين كلهم يجتمعون و يوافقون على المثلية، فإن الدين وحده مش هو سبب رفض الناس للمثليه، بل هي حكاية إجتماعية و نفسية أيضا ...
شكرا جدا جدا جدا !! و هاه بوسه بعد :))
Post a Comment